الارهاب لا دين له
للحرية ... طريق
بعد إعلان الزيادة .. ننشر أسعار شرائح الكهرباء الجديدة            مضاعفة غرامات سرقات الكهرباء بعد تطبيق الزيادة الجديدة فى يوليو المقبل            معهد الفلك يعلن: رمضان 29 يومًا هذا العام.. وزيادة ساعات الصيام تدريجيًا            المرور: كاميرات مراقبة لرصد المخالفات وإرسالها للسائقين على الهاتف المحمول            
اﻷكثر تصفحـــــاً

Instagram
SMS
رسالة إلي السيد الفريق أول
جريدة ميدان التحرير - السفير معصوم مرزوق - 23 يناير 2014 الساعة 7:34 مساءً
هذه السطور يكتبها مقاتل سابق نال شرف القتال ضمن قوات الصاعقة في حرب العبور المجيدة ونال نوط الشجاعة من الدرجة الأولي‏,‏ في الوقت نفسه كاتب نال شرف عضوية أتحاد الكتاب‏,
ثم هو دبلوماسي سابق, عرك الحياة وعركته, وشاهد وحلل وفسر مئات الأوضاع السياسية في العالم.. كمقاتل سابق هو منحاز لك, عارف لمعني الشرف العسكري الذي دفعك لإتخاذ الموقف البطولي لإنقاذ مصر من خطر حرب أهلية محققة, متفهم لمدي العشق الذي يجمع كل عسكري مصري بتراب بلاده, ومقدر لمدي استعداد كل مقاتل أن يلبي نداء بلاده في أي موقع يطلبه الشعب المصري مهما كانت الصعوبات التي تكتنف هذا الموقع..
لقد شاهدت يا سيدي عشرات من خير رفاقي يعانقون رمال هذه الأرض الطيبة وهم يزركشونها بدمائهم الطاهرة, وشاهدت المئات منهم يعودون بعد النصر كي يتواروا في مدن مصر وقراها, دون أن يسألوا شيئا أو ينالوا شيئا من حطام الدنيا, فقد نالوا الشرف الأعظم بتحرير تراب الوطن..
أعرف أن حديثي لن يرضي محبيك ومريديك, ولكن لا خير في إن لم أقلها, ولا خير فيك إن لم تسمعها, وربما لأنه يجمعنا شرف الجندية, فإنك سوف تقدر أن الصراحة والشجاعة هما ديدن كل مقاتل, وهي أهم أسلحتنا التي حققنا بها كل إنتصاراتنا التاريخية..
أعرف أيضا أن ضغوط اللحظة شديدة الوقع عليكم, وأن ضغوط المحيطين والمستشارين, بل وملايين المصريين تحاول أن تدفعكم دفعا إلي ما تكرهون وما نكرهه لكم, أعني التقدم بالترشح إلي منصب رئيس جمهورية مصر العربية.. لقد سمعتك يوما تقول أن شرف خدمة شعب مصر أغلي عليك من رئاسة الجمهورية, وأعلم يقينا مدي صدق هذه الكلمات, بل ومدي أهمية أن تتذكرها اليوم, فلقد حفرت اسمك في تاريخ هذا الوطن حين اتخذت قرارك الجرئ بالوقوف إلي جانب الشعب في مواجهة خطر داهم, ولو كان هذا الموقف هو الموقف الوحيد الذي اتخذته في حياتك, فإنه يكفيك كي تظل محاطا بحب شعبك إلي نهاية التاريخ.. من موقع المحب لك, أطالبك ألا تستجيب لهذه العواطف الجياشة التي تحاصرك, فبعض العاطفة أعمي, وبعضها الآخر إدعاء ونفاق ومداهنة, ومصر لا تحتمل مغامرة عاطفية, وأنتم أرفع وأنبل من أن ترضوا بمنصب سوف يعرضكم ويعرض معكم قواتنا المسلحة الباسلة لما لا نرضاه..
لقد وصلت مصر إلي مفترق طرق حاسم, مهدت الطريق إليه دماء الشهداء الأبطال, وشاهد العالم كله كيف كسر هذا الشعب العظيم جدار الخوف كي يسقط دولة الظلم والجبروت والفساد, وكان قرار الشعب المصري الحاسم هو بناء مصر الحديثة التي تستعيد مكانتها تحت شمس الحضارة الإنسانية, ومن بين سطور هذا القرار كانت أشواقه ورغبته تنطلق في أمنية بناء مؤسسات ديمقراطية تقود الوطن تحت مرأي ومسمع من الشعب كله, تكون خادمة له وخاضعة لحسابه. ولقد كانت تجربة الأخوان في الحكم نكسة لهذه الثورة العظيمة, نجح الشعب في تجاوزها بمساعدة أبنائه في القوات المسلحة, إلا أن العبور الكامل لهذه النكسة لم يتم بعد, ولاتزال الأمة تعاني من حرب استنزاف يشنها فلول الظلام والجهل وهي تحاول أن تجد ثغرة أو ثغرات للنفاذ منها خلف الصفوف كي تمزقها..
لا تسمح يا سيدي بأي ثغرة تحبط النصر الذي تحقق في30 يونيو الماضي, وتمسك بموقعك الذي يمثل درع هذا الوطن وسيفه, لأن القريب والبعيد سوف يتأولون موقفك البطولي في مساندة الشعب بأنه لم يكن سوي تمهيد لانقلاب, وسوف توجه سهام القريب والبعيد ليس فقط إليك وإنما إلي مؤسسة نريدها سامقة مترفعة عن مستنقعات السياسة وألاعيبها, ليس هذا فحسب, وإنما أيضا لأن قادة فلول الظلام يروجون لفكرة عسكرة السياسة بين صفوفهم كي يحشدوهم في معركتهم البائسة ضد الوطن, فإذا رفضت ضغوط الترشيح فأنك سوف تبطل دعاواهم الفاسدة, ومن ناحية أخري فأن ترشحكم سوف يعطي ذخيرة لعواصم دولية كي تكثف حملتها ضد ثورة الشعب المصري.
يا سيدي.. لقد اعتدنا في القوات المسلحة علي الضبط والربط, بينما السياسة هي حالة سائلة من الأخذ والرد والحلول الوسط.. اعتدنا علي شرف الخدمة وخدمة الشرف, بينما يغلب علي الساسة خدمة الذات أو الطائفة أو الطبقة علي أفضل تقدير.. اعتدنا أن نقدم أرواحنا فداء للوطن, واعتاد اغلب الساسة علي تقديم الكلام والوعود المعسولة والكذب.. ولعل ما يواجه مصر من تحديات جسام سوف يجعل مهمة أي حكومة قادمة مهمة صعبة ومعقدة, فهناك قرارات اقتصادية صعبة ينبغي اتخاذها, ولسوف يجد الحكام صعوبة هائلة في إقناع الناس, وسيدافع أصحاب المصالح ومعهم والفاسدون عن مصالحهم بشراسة وبدهاء, ولدينا تحديات لا تقل خطورة علي مستوي الإقليم والمستوي الدولي, وهموم اجتماعيه وثقافية, وحرب ضد الإرهاب.. أريد أن أقول أن شعب مصر قد يخرج مرة ومرات ضد أي حكومة قادمة, فلقد استرد هذا الشعب قراره وحريته, ولن ينجح أي جهاز أمني في قمعه أو إسكاته.. ولا أرضي لك أو لمؤسسة الشرف والعطاء أن تكون هدفا للطعن والتجريح, بل أن تظل دائما ومعك أفضل جند الأرض في مواقعكم المحفوظة في قلوب الشعب, ذخيرة لنا إذا ساغ للفساد أن يستذل هذا الشعب مرة أخري, ودرعا لنا إذا سول لأي عدو أن ينقض علي ترابنا الوطني.
لقد ركز قادة الاخوان وآلة دعايتهم الفاسدة علي أن يشخصوا فيك صورة العدو, ومن المؤسف أن قطاعا من أتباعهم قد ابتلع هذه الدعاية الخادعة, وربما يتمكن رئيس مدني منتخب أن يعيد هذا القطاع الشارد من التيه وأن يفتح حوارا نستعيد به السلام الاجتماعي, وربما يصعب ذلك علي رئيس وضعته دعاية الاخوان في موقع العدو. أعلم أن رسالتي هذه لن ترضي العديد من محبيك, كما أنها سوف تغضب بعض المنافقين من سماسرة السياسة, بل أنها قد تغضب قادة الاخوان الذين يريدون بلا شك أن يؤكدوا نظريتهم الفاسدة بأن ما حدث لم يكن سوي انقلاب بهدف سيطرة العسكريين علي الحكم..
وأرجو في النهاية أن تسهم رسالتي هذه في تقديركم لموقفكم, لأن القرار أولا وأخيرا هو قراركم الذي أتمني أن يكون فيه الخير لشعب مصر ولكم شخصيا, وتفضلوا بقبول فائق تقديري وحبي وتمنياتي لكم بالتوفيق..