الارهاب لا دين له
للحرية ... طريق
بعد إعلان الزيادة .. ننشر أسعار شرائح الكهرباء الجديدة            مضاعفة غرامات سرقات الكهرباء بعد تطبيق الزيادة الجديدة فى يوليو المقبل            معهد الفلك يعلن: رمضان 29 يومًا هذا العام.. وزيادة ساعات الصيام تدريجيًا            المرور: كاميرات مراقبة لرصد المخالفات وإرسالها للسائقين على الهاتف المحمول            
اﻷكثر تصفحـــــاً

Instagram
SMS
رسالة من «تشيكوف» إلى «السيسى»
جريدة ميدان التحرير - خالد منتصر - 23 فبراير 2014 الساعة 3:41 مساءً
وصلتنى مخطوطة كتاب للصديق الطبيب الكاتب إبراهيم شلبى بعنوان «رسائل من العالم الآخر إلى السيسى»، فكرته ذكية وطريفة وغير مسبوقة وتستحق النشر على حلقات وهى عبارة عن رسائل من العالم الآخر لمفكرين وساسة وفنانين إلى المشير السيسى يعرضون فيها عصارة خبرتهم ورؤيتهم ليستفيد منها كل من يخطط لمستقبل هذا الوطن ويستفيد منها هو شخصياً إذا رشح نفسه للرئاسة، اخترت لكم اليوم رسالة أنطون تشيكوف إلى المشير السيسى:

كثيراً ما شعر قرائى بعدم الارتياح عند الانتهاء من قراءة قصصى القصيرة.. أرهقهم الصراع الذى مرت به الشخصيات بسبب التضاد بين الموجود والمطلوب وبسبب الأمانى التى لم تتحقق ولم يمكن تحويلها إلى واقع ملموس.. اتهمونى بالتنصل من إضفاء قيمة وعبرة فى نهاية سعيدة تشعرهم بالرضا وترسم الابتسامة على وجوههم.. هذا ما كانوا يتوقعونه من التركيب التقليدى للكتاب الذى أنفقوا النقود فى شرائه والوقت فى قراءته.. لم أشعر بالندم أو أعتذر لقرائى.. بل كان ردى واضحاً: ليس دورى أو رسالتى أن آتيهم بالأجوبة.. بل دورى ككاتب ومبدع أن ألقى عليهم الأسئلة وأحفزهم للإبداع والابتكار ليجدوها بأنفسهم.

هكذا يا سيادة الرئيس يجب أن يكون دورك.. أن تلقى الأسئلة.. وطبقاً للدستور فأنت تمثل السلطة التنفيذية.. ولست ساحراً تحمل فى جعبتك الأجوبة المفيدة والنهايات السعيدة لكل مشاكلهم..

الشعب بنوابه وبرلمانه يجب أن يفكر ليجد الإجابات ويضع لها التوصيات والتشريعات.. واعلم أن الإنسان لا يرتقى إلا عندما يلمس بيده حقيقة الحياة التافهة التى يعيشها.. دعهم يجتهدوا ليجدوا الحلول.. وهنا يأتى دورك أنت وفريقك والحكومة فى التنفيذ..

وإياك أن تسمح للغوغاء بأن يضعوك طرفاً فى ملهاة المائة يوم الأولى ويطلبوا منك خطة لإنجازاتك فيها.. فهذا عبث سياسى.. لو اضطررت فاحصرها فى المرور والنظافة والأمن فى الشارع.. فبالالتزام وتغليظ العقوبات يمكن أن يشعر الشعب بتغير ملموس إذا ما تحسنت هذه النقاط.

كن واضحاً من البداية.. فلن تحل أزمات كالوقود والتموين والبطالة فى مائة يوم.. فأنت لا تملك عصا سحرية وكذلك لا تنوى الكذب على الشعب واستغفاله.. ولا تلق بالاً للصحافة المزيفة ولا للصحفيين المأجورين الذين يمشون فى أى ركاب ويعرضون أقلامهم للبيع لمن يدفع أكثر.. سواء لمدحك أو لذمك.. هؤلاء كتبت عنهم عام 1886 «حكاية مهداة إلى ذبابة ما حمقاء تتباهى بعملها فى الصحف»:

ذبابة ما طارت فى أرجاء الغرفة تتشدق بصوت مرتفع بأنها تعمل فى الصحف. وأخذت تئز فى الجو: «أنا كاتبة.. أنا صحفية.. أفسحوا الطريق أيها الجهلاء». سمع البعوض والصراصير والبق والبراغيث طنين الذبابة وشعروا تجاهها باحترام شديد، ودعوها إلى بيوتهم لتناول الغداء بل وقاموا بإقراضها الأموال..

واستفسرت البعوضة بجرأتها المعتادة: «فى أى صحف تكتبين يا ذبابة إيفانوفنا؟» فردت الذبابة: «تقريبا فى كل الصحف.. حتى إن هناك بعض الجرائد التى أضفى عليها بدورى الشخصى صبغتها العامة ونبرتها بل وحتى اتجاهها.. ولولاى لفقدت صحف كثيرة طابعها المميز».

- و«ما الذى تكتبينه فى الصحف يا ذبابة إيفانوفنا؟».

- «أنا أترأس هناك قسماً خاصاً».

- «أى قسم؟».

- «نعم؟».. «أى قسم؟»..

وأشارت الذبابة الكاتبة إلى بقع كثيرة من فضلات الذباب على سطح ورقة جريدة..

وتذكر أنه ليس هناك شىء اسمه الصفوة المثقفة.. هناك أشخاص مثقفون بعينهم يمكنك أن تثق فيهم أما هذه المجموعة المنافقة الكاذبة، المهووسة الكسولة قليلة الأدب.. التى تحتكر لنفسها لقب الصفوة المثقفة.. فعليك إسقاطها من اعتبارك.

سيادة الرئيس..

لقد عاصرت بوادر انهيار روسيا القيصرية والموجة الأولى من الثورة الروسية.. وأؤكد لك أن الشعوب فى زمن الثورات، وإن كانت تتعجل رؤية اليوم الذى تجنى فيه ثمار ثورتها، فإن حواس استشعارها تكون فى قمة حدتها.. فلن تسمح أن يستهان بذكائها أو يعبث فى عقولها.. وبالرغم من أن الثورة فى مصر قد اندلعت لتقضى على الفرعون.. فإن الشعب لم يفطم من هذا الفرعون بعد.. وما زال يبحث عنه ليجلس فى حضنه ويلتقم ثديه.. وإن لم يجده فسيصنعه.. فاحترس.. احترس أن ينصبوك فرعوناً واحمل فى يدك معولاً تحطم به أى قاعدة رخامية أعدت لينصب فوقها صنمك..

فخامة الرئيس.. أرى مقدار حبك لشعبك.. وكما قلت فى إحدى قصصى: «إذا كان فى وسعك أن تحب ففى وسعك أن تفعل أى شىء».. وكلى ثقة أنك بقدر هذا الحب ستفعل الكثير لمصر وأهلها..

مع خالص تقديرى واحترامى

أنطون تشيخوف - روسيا

طبيب ومؤلف قصص وكاتب مسرحى




**تمتع بمزيد من الاخبار العاجلة عبر خدمة SMS من جريدة "ميدان التحرير:
لعملاء إتصالات أرسل 56 إلى 1666
لعملاء فودافون أرسل ميدان أو 125 الى 9999