الارهاب لا دين له
للحرية ... طريق
بعد إعلان الزيادة .. ننشر أسعار شرائح الكهرباء الجديدة            مضاعفة غرامات سرقات الكهرباء بعد تطبيق الزيادة الجديدة فى يوليو المقبل            معهد الفلك يعلن: رمضان 29 يومًا هذا العام.. وزيادة ساعات الصيام تدريجيًا            المرور: كاميرات مراقبة لرصد المخالفات وإرسالها للسائقين على الهاتف المحمول            
اﻷكثر تصفحـــــاً

Instagram
SMS
قبضة محلب
جريدة ميدان التحرير - طارق الشناوي - 20 إبريل 2014 الساعة 9:45 صباحاً
صابر عرب، الموظف بدرجة وزير ثقافة، أيد على الفور قرار رئيسه المباشر، أقصد رئيس الوزراء محلب، بمصادرة فيلم «حلاوة روح»، ومن يعرف عرب لا يمكن أن يتعجب من هذا الموقف لوزير احتفظ بمقعده رغم أنه قد تبادل عليه خمسة رؤساء وزراء تعددت فيها توجهات الدولة من مجلس عسكرى إلى إخوانى إلى انتقالى بلا طعم ولا روح ولا رائحة، لا يستطيع أحد أن يتجاهل أن قطاعا من الرأى العام، أتصوره يشكل الأغلبية سعيد بضربة محلب، بل ويراها تأخرت كثيرا، وينتظر ضربات أخرى مماثلة ليعدل الحال المايل.

على الجانب الآخر نتابع فى هذه الساعات غضبة من كل النقابات والاتحادات الفنية ترى أن هذا القرار سيؤدى، لا محالة، إلى أن يتراجع الفن خطوات إلى الخلف دُر، فهل من الممكن أن يستمر وزير أو رئيس وزراء على مقعده، بينما يقف أغلب المثقفين على الجانب الآخر.

لا أحد يدافع عن الفن الردىء، لكننا بصدد قضية أخرى تتجاوز فيلم «حلاوة روح»، وهى تدخل سلطة تنفيذية بمكانة رئيس الوزراء لكى تمارس صلاحيتها فى المنع، اليوم تتدثر بغطاء أخلاقى وغدا سياسى، ولن يستطيع أحد إيقاف توحش السلطة ورغبتها فى أن تمتد سطوتها إلى الحياة بكل تفاصيلها، الفن الردىء يستطيع المجتمع مواجهته دون قرارات قمعية، والدليل أن فيلمين جادين عرضا مؤخرا، مثل «لا مؤاخذة» و«فتاة المصنع» استطاعا الصمود فى دور العرض وحققا إيرادات أكبر من «حلاوة روح»، لماذا نفتح الباب لتوحش السلطة الأبوية التى تزداد شراسة كلما استشعرت أن المجتمع يرى فيها طوق النجاة الوحيد؟

ومع الانتشار الفضائى صرنا دائما ما نستجير به ليحمينا من حالة الانفلات اللفظى والحركى الذى نعيشه، أعنى به «ميثاق الشرف» الذى أرى أن اسمه سيتكرر كثيرا فى تلك الأيام، بحجة إنقاذ البيت المصرى، بينما كلمات كثيرة تسللت إلى البيوت عن طريق المسلسلات والأفلام والبرامج، الكلمة قبل أن يتم تداولها لا تأخذ ضوءا أخضر من مجمع اللغة العربية، لكنها تنتزع حضورها عنوة فى الحياة.

ليس هذا تبريرا ولا دفاعا، لكن علينا أن نذكر أن الشارع يردد مثلا قصيدة لجمال بخيت «دين أبوهم اسمه إيه»، هذا التعبير يتم التعامل معه الآن ببساطة وأريحية، وهذا يعنى أن شفرة الدلالة اللفظية قد تغيرت!

هناك ولا شك من يسعى إلى الإسراف فى استخدام بعض الكلمات، وكأننا فى مزاد علنى، كل يريد زيادة الجرعة لكى يلفت إليه الانتباه، دخل إلى سوق الكتابة جيل جديد، القليل منهم موهوب، والأغلبية موهوم، تعتقد أن مجرد كلمة «روشة» تمنح الحوار نكهة عصرية، وتجعله على موجة الناس، بل إن هناك من يزيد أجره فى كل مسلسل أو فيلم أو برنامج بمقدار ما يستخدمه فى الحوار من ألفاظ بذيئة.

لا ينجح عمل فنى لأن به بذاءات أو مساحة عرى أكثر، لكننا لا يمكن أن نجد الحل فى الدعوة التى انتشرت ورفعت شعار الفن النظيف، لأنه فى هذه الحالة يصبح كل ما هو غير نظيف موصوم بالتجاوز الأخلاقى، وبقدر ما أرفض الأعمال التى تبدو معقمة، فأنا أرفض أيضا الإسراف الذى يصل إلى حد الإسفاف فى أعمال أخرى، النوعان مرفوضان سواء تلك التى تغلف نفسها حياء بغطاء من أوراق «السوليفان» أو الأخرى التى تبدو وكأنها قد تخلصت حتى من ورقة التوت، إلا أن الحل لا يمكن أن يتحقق بسلاح المصادرة، لكن بوجود البديل.

حالة الانفلات اللفظى والحركى لن تتوقف بمجرد أن تتدخل الدولة بالسيطرة وفرض الأمر الواقع بالمصادرة، ويصاحب ذلك فى العادة توجه بالدعوة للتوافق المجتمعى على ميثاق شرف سوف تتعدد فيه التوجهات والاجتهادات، وفى النهاية سيخرج مبتسرا لن يحترمه أحد.

لن يضبط الإيقاع بميثاق ولا بقرارات قمعية، الفن الجيد عندما نهيئ له المناخ الصحى هو الكفيل بتحقيق ذلك، أما أن يفتح الباب لسلطة سياسية أو دينية للتدخل فى الشؤون الفنية والثقافية فلا يوجد له سوى تفسير واحد، هو أن القبضة الحديدية قادمة لا محالة، اليوم يرحب بها قطاع كبير من الرأى العام وغدا سندفع جميعا الثمن!


**تمتع بمزيد من الاخبار العاجلة عبر خدمة SMS من جريدة "ميدان التحرير:
لعملاء إتصالات أرسل 56 إلى 1666
لعملاء فودافون أرسل ميدان أو 125 الى 9999